جديد الفيديو
المتواجدون الآن
| 02-10-1439 12:05 PM وما قدروا الله حق قدره*
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فمَن رفع هذه السماء وسمكها؟ ومَن دحا هذه الأرض وبسطها؟ ومَن أوجد هذه المخلوقات ورزقها؟ ومَن أرسى هذه الجبال ونصبها؟ ومَن برى هذه الأنسام وخلقها؟
أليس هو الله؟ أليس هو الرزّاق؟ أليس هو العظيم؟ أليس هو العليم؟ أليس هو القادر؟ أليس هو القاهر؟
بلى والله، إنه الله الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلّت لجبروته الصعاب، فهل عرفناه حقّ معرفته؟ هل قدَرْناه حقّ قدْره؟ هل عبدناه حقّ عبادته؟
يا مؤمن، تفكّر في ملكوت الله، في خَلْق الله، في عظمة الله، تعرّف على ربّك بأسمائه وصفاته، بآلائه ونعمه، وبخلْقه وأمره، وتيقَّن أنك إن فعلتَ ذلك عرفْتَ قدْرك، وأدركتَ حقيقتك، وإن غفلتَ عن ذلك؛ أعجبتك نفسك، وسهوتَ عن مهمتك، وقصّرت في حقّ خالقك، واقرأ وتأمل قول الله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: 91]، ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الحج: 74]، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الزمر: 67]!
يالله، ما أعظمه من أمر! وما أجلّه مِن خطب! كيف لا يُقدَر الخالق قدرُه؟ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67]، يا لها مِن آية تخلع القلوب، وتهز النفوس، وتزلزل الوجدان، وتشيب الولدان!
تأمل -يا عبد الله- يا من قصّرت في حق مولاك، وأسرفت على نفسك في دنياك، تأمّل هذه الأرض ومَن عليها، على سعَتِها وترامي أطرافها؛ كلها في قبضة الجبار يوم القيامة، لا إله إلا الله، وأين مُلكُ الملوك؟ وأين جبروت الظالمين؟ وأين عتوُّ الجبّارين؟
أين الدول والممالك؟ أين الأموال والضِّياع؟ ﴿وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، آمنّا بربّنا، آمنا بخالقنا، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26 ، 27]، ربّنا ما أعظمك، ما أكرمك، ما أحلمك، ما أعدلك، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
لا إله إلا الله، هذه الأرض الفسيحة في قبضة الجبار -سبحانه-، يوم ينتهي كل مُلْك، ويذهب كل سلطان، ويتلاشى كل نفوذ، ويضعف كل قوي، ويفنى كل مخلوق، فينادي الجبّار جلّ جلاله: لمن المُلْك اليوم؟ لمن المُلْك اليوم؟ لمن المُلْك اليوم؟ لله الواحد القهار، لله الواحد القهار، يجيب نفسه بنفسه؛ لأنه لا مخلوق، لا رسول، لا مَلَك، لا مَلِك، لا إله إلا الله المتفرد بكماله وجماله وجلاله، لا إله إلا الله صاحبُ المُلك والسلطان، والعظمة والسؤدد، ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1- 4].
قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: " يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ ، وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ ؟"، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما: "يَطْوِي اللَّه السَّمَوَاتِ السَّبْع بِمَا فِيهَا مِنْ الْخَلِيقَة، وَالْأَرْضِينَ السَّبْع بِمَا فِيهَا مِنْ الْخَلِيقَة، يَطْوِي ذَلِكَ كُلّه بِيَمِينِهِ يَكُون ذَلِكَ كُلّه فِي يَده بِمَنْزِلَةِ خَرْدَلَة" أورده ابن كثير في تفسيره.
جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ رواه البخاري.
يا أمة محمد، كيف لا نقدْر الله حق قدره، وكلّ المُلْك ملكه، ونحن عبيده وخلقه؟ كيف لا نقدره حق قدره، ونحن الضعفاء وهو القوي، نحن الفقراء وهو الغني، نحن المذنبون وهو العَفُوّ، روى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما كما في مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر: "يمجد الربُّ نفسَه، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم"، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر؛ حتى قلنا ليخرن به.
معاشر المؤمنين، هذه الأرض التي هي مستقرنا، ومكان معاشنا، هي التي ستبتلعنا في جوفها، وهي التي ستلفظ أجسادنا يوم يأمرها الله بذلك، ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾[الزلزلة: 1- 2].
هذه الأرض التي نعيش عليها، سيتغير أمرها، ويتدمر عمرانها، ويذهب جمالها، ويتبدل حالها ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم: 48]، عن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كنت قائما عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول: يا رسول الله؟ فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي ». فقال اليهودي: جئت أسألك. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « أينفعك شيء إن حدثتك ». قال: أسمع بأذني، فنكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعود معه، فقال: « سل ». فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « هم في الظلمة دون الجسر ». قال: فمن أول الناس إجازة؟ قال :« فقراء المهاجرين ». قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: « زيادة كبد النون »، قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال « ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها ».
قال: فما شرابهم عليه؟ قال: « من عين فيها تسمى سلسبيلا ». قال: صدقت. قال وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان. قال: « ينفعك إن حدثتك ». قال: أسمع بأذني.
قال: جئت أسألك عن الولد، قال: « ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منيّ الرجل منيّ المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرجل أنّثا بإذن الله ». قال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي ثم انصرف فذهب. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به ».
معاشر المؤمنين إنها مظاهر كثيرة، ودلائل كبيرة، على عظمة الخلق، وعِظَم الخالق، ومع هذا يوجد من هذه المخلوقات مَنْ لا يقدر ربه حق قدره ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: 91]، إنها دعوة للمراجعة والتصحيح، والأوبة لله والتوبة النصوح، عل الله أن يرحمنا ويلطف بنا.
اللهم ردنا إليك ردًّا جميلاً، وثبت قلوبنا على طاعتك، واملأ قلوبنا بحبِّك وإجلالك وتعظيمك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإذا كان هذا هو شأن الأرض التي نحيا عليها وأنها في قبضة الجبار يوم القيامة، فيا ترى ما حال هذه السماوات العظيمة؟ إنها ستكون في يمين الجبار جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، "يطوى الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون؟ ثم يطوى الأرضين ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون؟ لقد رفع الله هذه السماء بلا عمد؛ فلِمَ لا ننظر فيها؟ ونتفكر في خلقها؟ لنعظم ربنا، ونقدر خالقنا حق قدره،﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ [الرعد: 2]، إنها دعوة للتفكر والتدبر، عل القلوب أن تتيقظ، والنفوس أن تتذكر: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية : 17 - 21]،
يا عبد الله، املأ بصرك، وقلبك، وسمعك مما يعظِّم ربّك، واعلم أن أعظم رادع عن المعصية هو إجلال الله وتعظيمه، وقد قيل: لا تنظر إلى صغر المعصية وانظر إلى عظم من عصيت، وإذا أردت السبيل إلى ملء القلب بعظمة الله فاقرأ كتاب ربّك بقلبك قبل شفتك، عندها ستعرف أسماءه جلت قدرته، وصفاتِه، ومخلوقاته، ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر: 21]، أرأيت التأثير، أرأيت التأثّر: خشوع وتصدع، كله كان نتيجة لخشية الله ﴿لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ﴾ وكيف تتحقق تلك الخشية؟
تأمل بعدها كم اسمًا لله قد ذُكر، سبعة عشر اسمًا، اسمعها، وتأمل فيها ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: 22 - 24].
يا لها مِن أسماء، كم تحمل من معاني الجمال والجلال، والعظمة والقدرة، كيف لا نَقْدر الله حقّ قدره؛ ونحن نتفكر في أسمائه وصفاته؟! وقد قال الله قبلها: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾؟
معاشر المؤمنين، تأملوا تلك الآيات التي سبقت هذه الأسماء الجليلة، اقرأوها بقلوبكم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر: 18 - 20].
ربُّنا غنيٌّ عنا ونحن الفقراء إليه، فلم لا نعظمه جل جلاله؟ لم لا نقْدره حق قدره في نهيه وأمره، في أعمالنا وأقوالنا، ما أحوجنا إليه سبحانه، وما أغناه عنا جلت قدرته، يقول سبحانه في الحديث القدسي:" « يَا عبادي إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِى مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ». قَالَ سَعِيدٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِي[وهو من رواة الحديث] إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ[ أي هيبة وإجلالاً وخشية].
اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم زدنا ثباتًا ويقينًا، وإسلامًا وتسليمًا، اللهم املأ قلوبنا بخشيتك وعظمتك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، صلوا وسلموا على محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك الله، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]. |
خدمات المحتوى
| تقييم
|
|
|
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0 Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved
جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.
الرئيسية
|الصور
|المقالات
|الأخبار
|الفيديو
|الصوتيات
|راسلنا | للأعلى
لتصفح أفضل:
استخدم موزيلا فايرفوكس
|
|