تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
02-16-1433 10:15 PM


﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾

في هذه الآية حديث عن الإنذار مرة أخرى، لكنه هنا جاء مختلفاً من وجوه:

‌أ- أن المنذَر محدد معين، وهم ﴿الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾،كما هو الحال في ﴿الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ﴾، وبهذا تكون هذه الآية هي المقابلة للبشارة، وتكون النذارة الأولى عامة للصنفين، وفي التحديد هنا مزيد تهديد وتخويف لمن صدر منهم ذلك، واللافت للنظر هنا أن المؤمنين أُثنِيَ عليهم بالعمل ﴿يَعْمَلُونَ﴾، وهؤلاء ذُمّوا بالقول ﴿قَالُوا﴾، في مما يدل على سوء عاقبة القول، فهل يتنبه الإنسان لذلك؟

‌ب- تعريفهم بالموصول ﴿الَّذِينَ﴾ دليل على أن ما بعده وصف يصلح أن يكون ملاصقاً لهم، به ينعتون، ويعرفون، يقول ابن عاشور: "والتعبير عنهم بالموصول وصلته، لأنهم قد عُرفوا بهذه المقالة بين أقوامهم وبين المسلمين تشنيعاً عليهم بهذه المقالة، وإيماء إلى أنهم استحقوا ما أنذروا به لأجلها ولغيرها، فمضمون الصلة من موجبات ما أُنذروا به؛ لأن العلل تتعدد"([1]).

‌ج- وفي ذكر مادة القول ﴿قَالُوا﴾، وبصيغة الماضي، فيه إشارة أن بلاءهم جاء من أقوالهم، وما أكثر أخطار اللسان، حيث إن أكثر الناس يتهاون بأمره، فيأتيه البلاء من ناحيته.

‌د- ذكر نص قولهم: ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾ فيه بيان لعظم هذه الكلمة، لذا خُلِّدت دلالة على سوء صنيعهم، وحتى يكون الدليل قائماً بيِّناً منطوقاً شاهداً عليهم.

‌هـ- وفي ذكر مادة (الاتخاذ)([2]) ما يدل على عدم أدبهم مع ربهم جل جلاله، إذ كيف له أن (يتخذ) وهو الذي يخلق ويرزق، لأن الاتخاذ للولد خصوصاً يشعر بالحاجة، وذلك لا يليق بالخالق، وقد ذمهم الله بذلك في كتابه كقوله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)﴾ يقول ابن عاشور:"وأوثر فعل {اتّخذ﴾ هنا لأنه يشمل الاتخاذ بالولادة"([3]).

‌و- ذكر لفظ الجلالة (الله) لتعظيم القول هنا، إذ كيف يجرؤ هؤلاء المخلوقون على التفوه بمثل هذه الكلمة مع الخالق العظيم سبحانه.

‌ز- ﴿وَلَداً﴾ هنا تحديد للمُتخذ ما هو، فقيل (ولداً)، وهذا هو الذي حدد سبب اللوم، لأن الاتخاذ ليس صفة ذم دائماً، فقد اتخذ الله إبراهيم خليلاً، لكن أن يكون الاتخاذ للولد المشعر بوجود زوجة، والمشعر بوجود حاجة، هذا ما يكون مذموماً.

قال تعالى: ﴿ مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ ﴾

في هذه الآية فوائد منها:

‌أ- في هذه الآية إثبات عدم العلم لهم، لا إعذاراً لهم، ولكن لوماً لهم، إذ إنهم لو علموا ما يقولون وعظم ذلك ما تفوهوا بذلك.

‌ب- في هذا بيان لعظم شأن العلم في الحفظ من المزالق والانحرافات.

‌ج- في قوله ﴿بِهِ﴾ في إشارة إلى أن لهم علماً بغيره، لكن لا علم لهم بهذا المذكور.

‌د- في دخول ﴿مِنْ﴾ على ﴿عِلْمٍ﴾، دليل على أنهم يفقدون جزئيات ذلك العلم، فهم في هذا الشأن في جهل مطبق، يقول ابن عاشور:"و(من) لتوكيد النفي. وفائدة ذكر هذه الحال أنها أشنع في كفرهم، وهي أن يقولوا كذباً ليست لهم فيه شبهة"([4])، وهذا يوحي من جانب آخر إلى أن قليل العلم قد ينفع صاحبه، وأنه خير مما لا علم له أبداً، كما فيه إلماح إلى ضرورة الازدياد من العلم حتى يسلم المؤمن من الزلل بإذن الله.
عطف الآباء عليهم ﴿وَلاَ لِآبَائِهِمْ﴾ فيه بيان أنهم لا يملكون ذلك العلم أيضاً، إذاً هو جهل مطبق أباً عن جد، وفيه قطع لحجتهم، لأنهم كثيرا ما يرتكزون عليهم: ﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون﴾ [الزخرف: 23]، فإذا فقد آباؤهم العلم، ففيم يقلدونهم في هذا الأمر خصوصا([5])،وفي ذكر الآباء هنا بيان لعظم تأثر الأبناء من خلال دينهم وعلمهم، وقد يكون في هذا بيان لضرورة اهتمام الآباء بالعلم وتلقين الأبناء لما لهم من التأثير عليهم بعد ذلك.

﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾

في هذا المقطع فوائد منها:

‌أ- تدل كلمة ﴿كَبُرَتْ﴾ على عظم الأمر، لأنها بمعنى عظُمَ، وهذا هو الفرق بين (كَبِر) بالكسر، فهو يخص التقدم في العمر، و(كَبُر) بالضم يخص الأمور المعنوية.

‌ب- تنكير لفظة ﴿كَلِمَةً﴾ فيها دلالة على عظم هذه الكلمة، وهي ما سبق ذكره من وصف الله باتخاذ الولد، ويؤيد هذا نصبها على التمييز، يقول ابن عاشور:"ودل على قصد التعجيب منها انتصاب ﴿كلمة﴾ على التمييز، إذ لا يحتمل التمييز هنا معنى غير أنه تمييز نسبة التعجيب".

‌ج- في قوله تعالى ﴿تَخْرُجُ﴾ تصوير عجيب لشأن الكلمة الخبيثة، فكأن لها جِرْماً يخرج من أفواههم إظهاراً لشناعتها وسوئتها، يقول ابن عاشور: "وجملة ﴿تخرج من أفواههم﴾ صفة لـ﴿كلمة﴾ مقصود بها من جُرْأتِهم على النطق بها، ووقاحتهم في قولها".

‌د- "والتعبير بالفعل المضارع لاستحضار صورة خروجها من أفواههم تخييلاً لفظاعتها. وفيه إيماء إلى أن مثل ذلك الكلام ليس له مصدر غير الأفواه، لأنه لاستحالته تتلقاه وتنطق به أفواههم، وتسمعه أسماعهم، ولا تتعقله عقولهم، لأن المحال لا يعتقده العقل، ولكنه يتلقاه المقلد دون تأمل".

‌هـ- في قوله: ﴿أَفْوَاهِهِمْ﴾ تحديد لمكان الخروج، وفي ذلك إشارة إلى غرابة ذلك، وبيان أن مثل هذه الكلمة لا تخرج إلا من أفواه خبيثة، وإلا فالأصل أن هذا اللسان لا يقول إلا خيراً، فهو عبد لخالقه.

‌و- جمع الأفواه ﴿أَفْوَاهِهِمْ﴾ يدل على كثرة القائلين، أو تنوعهم، وإذا علمنا أن قريشاً قالت: (الملائكة بنات الله)، واليهود قالوا: (عزير ابن الله)، والنصارى قالوا: (المسيح ابن الله) أدركنا كثرت الأفواه المتحدثة بهذه الكلمة الخبيثة.

﴿ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبا ﴾

في هذه الجملة دلائل على خبث هذه الكلمة، وذلك من وجوه:

‌أ- مجيء أسلوب تكذيبها بالقصر الذي طريقه النفي والاستثناء، وهو أقوى طرق القصر في مواطن التكذيب والإنكار.

‌ب- جاء النفي بـ ﴿إِن﴾ دون (ما) لأن المراد انحصاره في هذه الكلمة، و(ما) أبعد في المد من (إِنْ).

‌ج- ذكر مادة القول مرة أخرى دليل أن بلاءهم في أقوالهم التي يتساهلون بها، والتي تنبع من عقائدهم الفاسدة.

‌د- مجيء القول بصيغة المضارع ﴿يَقُولُونَ﴾, ومن قبل بالماضي ﴿قَالُوا﴾،دليل على أنهم قالوا ذلك في الماضي، وسيستمرون على ذلك في الحال والمستقبل, وهذا ما أثبته التاريخ فعلاً.

‌هـ- حصر قولهم ذلك في الكذب دليل أنه لا يوجد فيه وجه صدق بوجه من الوجوه.

‌و- تنكير كلمة (كذباً) دليل أنه يشمل كل صور الكذب.

د. عويض العطوي
جامعة تبوك
dr.ahha1@gmail.com


___________________
([1]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 328).
([2]) يقول ابن عاشور: "والاتخاذ : جعل الشخص الشيءَ لنفسه"، التحرير والتنوير - (ج 9 / ص 12).
([3]) التحرير والتنوير 13/186.
([4]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 328).
([5]) انظر: التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 328).

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1397



خدمات المحتوى


تقييم
6.34/10 (23 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس