تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
سورة الكهف (4)
02-16-1433 10:10 PM


جاء في تعليل إسباغ هذه النعمة (إنزال القرآن، وكونه لا عوج فيه) جاء في ذلك أمران هما:

1- الإنذار ﴿ لِِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ ﴾ و ﴿ وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ﴾.
2- التبشير ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ﴾.

وعند التأمل في هاتين العلتين العظيمين نجد ما يأتي:
قال تعالى: ﴿ لِِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ ﴾
اشتملت هذه الآية على ما يأتي:
1- أن الإنذار جاء في السياق العام أولاً ﴿لِِيُنذِرَ بَأْساً﴾ دون تقييد، ثم ذكر ثانياً في السياق الخاص بعد التبشير، على سبيل التخصيص لفئة معينة، كما هو حال التبشير.

2- تعاطف هذه الأفعال (لينذر، يبشر، ينذر) يدل على دخولها جميعها في العلة لأنها مسبوقة بلام التعليل في (لينذر).

3- أن الإنذار أكثر وأظهر، لأنه ذكر مرتين، لكنه يحمل في مضمونه الشفقة والرحمة، حيث إن المراد إنذارهم من البأس الشديد حتى لا يصيبهم.

4- المنذر هو الله سبحانه، والمعنى:"أي لينذر الله بأساً شديداً من لدنه، والمفعول الأول لـ ﴿يُنْذِرَ﴾ محذوف لقصد التعميم،... لأن المقصود المنذَر به وهو البَأس الشديد تهويلاً له، ولتهديد المشركين المنكرين إنزال القرآن من الله"([1]).

5- أن هذين الأمرين الإنذار والتبشير جاءا بعد وصف القرآن بعدم العوج، وهذا يوحي بالاهتمام بالكلام الموجه للمدعوين، إذ لابد أن يكون واضحاً بيِّناً قيماً حتى يثمر النذارة والبشارة.

6- ذَكَر مع الإنذار البأس الشديد، الذي يشمل بأس الدنيا والآخرة، وهو أمر يبعث الخوف في النفوس، وبالنظر يعلم أن مرد أكثر الأخطار على الإنسان هو جهله بعظمها، ففي هذا الأسلوب تحذير وتخويف لمكذبي القرآن، وقد بعث الله هذا الرسول الكريم r بهذا القرآن لإعلام الناس بما يخلصهم من ذلك.

7- في قوله تعالى: ﴿مِن لَّدُنْهُ﴾ إما أن يكون متعلقاً بالفعل (لينذر)، فيكون المعنى الإنذار من لدنه سبحانه، أو يكون متعلقاً بالبأس الشديد، فيكون المراد أن البأس الشديد من لدنه، ومجيء النظم الكريم على هذا النمط البديع من تأخير الجار والمجرور ليحتمل معنى الدلالتين، فالإنذار من لدنه، وكذلك البأس الشديد من لدنه سبحانه.


﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً﴾

وقد اشتملت هذه الآية على فوائد منها:
1- جاء الفعل ﴿يُبَشِّرَ﴾ في مقابل (لينذر)، ليكون علة ثانية لإنزال هذا القرآن العظيم، والمزاوجة بين الإنذار والبشارة كثير في القرآن، يرشد إلى ضرورة التوازن دائما، والخطاب هنا موجه للنبي r، فهو يُنذر ويُبشر بهذا القرآن، فأداة ذلك هي القرآن ببشائره وقوارعه، وهذا ما يدل عليه الجار والمجرور (به).

2- في قوله تعالى: ﴿ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ تحديد وتعيين للمبشرين من هم، بخلاف الإنذار السابق، فقد كان مطلقاً غير مقيد، وفي هذا بيان لأثر القرآن، فهو إنذار عام للجميع، وهو بشارة للمؤمنين خاص، وعلى هذا ينبغي أن يعمل الدعاة والمصلحون، يبشرون به الناس بفضل الله ورحمته وسعادة الدنيا والآخرة، وينذرونهم عذابه.

3- في وصف المؤمنين بـ ﴿ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ ﴾ تقييد فيه تنبيه أن من هذه صفتهم هم الذين ينتفعون ببشارات القرآن، وهم الذين يكون لهم القرآن مبشراً، بخلاف غيرهم، فقد يكون عليهم ثقيلاً وقارعاً، وعلى هذا فلابد للإنسان أن يستشعر أثر تلقيه للقرآن وآياته الحسان، وما فيه من وصف للنيران والجنان ويحاسب نفسه على ذلك، "وذكر الإيمان والعمل الصالح للإشارة إلى أن استحقاق ذلك الأجر بحصول ذلك لأمرين. ولا يتعرض القرآن في الغالب لحالة حصول الإيمان مع شيء من الأعمال الصالحة كثيرٍ أو قليلٍ، ولحُكْمِهِ أدلة كثيرة"([2]).
في تعريف المؤمنين بالموصول (الذين)، ثم ذكر العمل الصالح دليل أن سمتهم التي بها يعرفون هي العمل الصالح، وهذا فيه تنبيه على أن الدعاوى لا قيمة لها إذا لم يصاحبها عمل، وعمل صالح على وجه الخصوص.

4- في مجيء الفعل بالمضارع ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ دليل على تجدد واستمرار هذا العمل، فليس هو محدود بوقت ثم ينقطع، بل هو متجدد حتى يأتي أمر الله بالوفاة، أو القيامة،﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر99].

5- في جمع العمل الصالح ﴿ الصَّالِحَاتِ ﴾ إشارة إلى تعدد ذلك العمل وتنوعه، فليس هو من جنس واحد، وإلا لقيل (يعملون صالحاً).

قال تعالى: ﴿ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ﴾
في هذا المقطع بيان لنوع البشارة بهذا القرآن للمؤمنين، وذلك من وجوه:

أ- تأكيد تلك البشارة بـ ﴿ أَنَّ ﴾ لبيان الاهتمام بالكلام الواقع بعدها.

ب- مجيء اللام ﴿ لَهُمْ ﴾ الذي بيَّن أن هذا لهم خاصة، لأن اللام تدل على الملك.

ج- ذكر مادة الأجر المشعرة بالعمل والجهد.

د- مجي الكلمة ﴿ أَجْراً ﴾ منكرة يدل على عظم ذلك الأجر وعمومه واتساعه.

ه‍- وصفه بـ ﴿ حَسَناً ﴾ يدل على عظم نعيم ذلك الأجر، وفيه احتراس من أن يكون الأجر غير حسن، وفي تنكير (حسناً) من المعاني ما في تنكير (أجراً) قبلها، وجمعاً لهذا كله قيل: إن الأجر الحسن هو الجنة بكل ما فيها من النعيم المقيم.

﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ﴾ في هذه الآية دلالات من النعيم منها:

‌أ- ذكر مادة المكث المشعرة بطول البقاء، حيث لا يحسن النعيم إذا قلق صاحبه من الترحل عنه.

‌ب- مجيء الكلمة بالاسم ﴿مَاكِثِينَ﴾ يدل على استمرارية ودوام المكث زمناً طويلاً، وهذا أسرّ لهم، وأبعد لمخاوف انقطاع النعيم عنهم.

‌ج- ذكر موقع ذلك المكث فيه زيادة تنعّم، وذلك أن المكان المعروف بالنعيم إذا علم الإنسان أنه هو مكان مكثه زاد ذلك من سروره، والمكان هنا هو الجنة.

وبتأمل أوضاع الناس فإنهم إذا مروا أو رأوا خضرة وماءً (جنة) أَنِسوا بذلك، وأحبوا البقاء فيها، لكن الله جعل لذلك قانوناً في الدنيا، بحيث لا يمكن أن تدوم تلك (الجنة)، وذلك بتعاقب الفصول عليها، أو لا يمكن أن يدوم من يستفيد منها، فلابد يوماً أن يتركها، أو يتحول عنها، أما في الجنة فكل شيء دائم: المكان وساكنه.

وهناك ملمح آخر يشير إليه ابن عاشور بقوله: "والمكث: الاستقرار في المكان، شُبه ما لهم من اللذات والملائمات بالظرف الذي يستقر فيه حالُّهُ للدلالة على أن الأجر الحسن كالمحيط بهم، لا يفارقهم طرفة عين"([3]).

‌د- التأكيد بـ (أبداً) فيه مزيد تنعيم للمؤمنين، حيث إنها تدل على طول البقاء، حتى وإن كان إلى أمد، يقول ابن عاشور: "فليس قوله: ﴿أبداً﴾ بتأكيدٍ لمعنى ﴿ماكثين﴾، بل أفْيد بمجموعها الإحاطة والدوام "([4]).



د. عويض العطوي
جامعة تبوك
dr.ahha1@gmail.com

_________________
([1]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 326).
([2]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 327).
([3]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 327).
([4]) التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 327).

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 2006



خدمات المحتوى


تقييم
4.84/10 (23 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس